هوس وإدمان العلاقات العاطفية يزيد من معدلات الانتحار بين المراهقين والشباب، فالعلاقة العاطفية جزء أساسي من تكوين المجتمعات العربية لتكوين أسر صالحة لمجتمع أفضل، ولكن من المحتمل أن تتحول العلاقة العاطفية مع الشريك إلى هوس وإدمان يصعب التخلص منه، ليبدأ الشخص في التصرف بطريقة غير صحية فقط لإرضاء الحبيب، وإهمال احتياجه العاطفي والجسدي والمعنوي مقابل سداد احتياجات الشريك، ومن هنا تكثر مشكلات الخيانة والانفصال والطلاق وصراع العلاقات، فضلا عن الأضرار النفسية كالاكتئاب والقلق والتوتر والصدمات النفسية والتقلبات المزاجية الحادة ليتطور الحد النفسي المضطرب إلى التفكير في الانتحار، ليصبح إدمان العلاقات العاطفية خطر يهدد حياة الكثير من الأشخاص، واليوم سنسلط الضوء على تلك المشكلة وكيفية التحرر منها.
إدمان العلاقات العاطفية
إدمان العلاقات العاطفية يأتي بحثًا عن الحب التي تعد رغبة نفسية شديدة لا يمكن إشباعها إلا بوجود الشريك الأخر، وهناك دراسة نُشرت في مجلة علم وظائف الأعصاب أن عملية إدمان الحب على ارتباط وثيق بمناطق المكافأة والتحفيز في أدمغتنا البشرية، حيث نشعر بتدفق هرمون الدوبامين والأوكسيتوسين والأدرينالين والسيروتونين عند الوقوع في الحب، ومن هنا تثار مشاعر الحب والسعادة والنشوة، وتزداد محاولاتنا للسعي وراء الشريك بإفراز هذا المزيج من المواد الكيميائية للسعادة.
إدمان العلاقات العاطفية يحدث بسبب الإفراط في الاعتماد على الطرف الأخر في أمور الحياة، وعدم القدرة على الشعور بالسعادة والراحة والنشوة والأمان إلا بوجود الطرف الآخر، للتحول دائرة إفراز هرمونات السعادة إلى حالة من التعود الجسدي والنفسي، وهنا تتحول العلاقة إلى إدمان ينتج عنه الخوف من الهجر والتعلق المرضي بالشريك وانخفاض تقدير الذات والاضطراب العاطفي، والسلوكيات القهرية للحفاظ على العلاقة.
أسباب إدمان العلاقات العاطفية
على الرغم من انتشار حالات إدمان العلاقات العاطفية إلا أن الأبحاث غير كافية لتحديد أسباب ومحفزات هذا السلوك الإدماني، ولكن من المحتمل أن تعود لأسباب كالعوامل الوراثية وصدمات الطفولة، وتُظهر الأبحاث أيضًا وجود صلة بين نشوة الحب ومشاعر المتعة التي قد يشعر بها الشخص المصاب باضطراب تعاطي المخدرات.
وقارن الباحثون بين طريقة تصرف الشخص العاشق والشخص المدمن على مادة مخدرة، ووجد أن الأشخاص في كلتا الحالتين يعانون من الاعتماد العاطفي والرغبة الشديدة وتقلبات المزاج، وفقدان السيطرة على النفس والهواجس والسلوكيات القهرية، وعندما تقع في الحب يُطلق دماغك مواد كيميائية تزيد من شعورك بالسعادة مثل الدوبامين كما يحدث في حالة تعاطي المخدرات، ويمكن أن يكون إدمان العلاقات العاطفية ناتج عن مشاكل الهجر في الطفولة، أو الاعتداء العاطفي أو الجنسي أو انخفاض تقدير الذات.
ما هي علامات إدمان العلاقات العاطفية؟
إدمان العلاقات العاطفية من أنماط السلوكيات الإدمانية التي تصبح مشكلة، ولكن حتى الآن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية لا يصنف هذا النوع من الإدمان بشكل رسمي، ولكن هذا لا ينفي وجوده بل هناك الكثير والكثير من الحالات التي تشير إلى الخطورة الغرق في إدمان العلاقات العاطفية والحب، وعلى الرغم من عدم تحديد أي علامات أو أعراض واضحة إلا أنه من الممكن تحديد اضطراب إدمان العلاقات العاطفية إذا بدأت الأفكار السائدة حول شخص معين تؤثر سلبًا على عملك أو دراستك أو نومك أو أي جانب آخر من جوانب حياتك، فضلًا عن العلامات الأخرى:
1_ قلق الانفصال
الخوف والقلق من فقدان الشريك أمرًا شائعًا جدًا ولكن إذا شعرت بالقلق والضيق الذي لا يُطاق عند غيابه، فيعد ذلك مؤشرًا على إدمان الحب وتجد نفسك تتجنب الظروف التي قد تُبعدك عن شريكك مثل:
- تتغيب عن العمل.
- تتغيب عن الدراسة.
- عدم الالتزام بالمسؤوليات والمهام تجاه العائلة.
- إلغاء الخطط مع الأصدقاء.
2_ استخدام الحب كوسيلة للتجنب
مع إدمان العلاقات العاطفية والحب تجد نفسك تقضي وقتًا طويلًا مع من تحب، وتركز على أفكاره عندما لا تستطيعان البقاء معًا لتفادي الأفكار والمشاعر المؤلمة أو غير المرغوب فيها، ليعد الحب والبقاء مع الشريك وسيلة لتجنب المشاعر السلبية كالقلق والتوتر والانفعال.
3_ الحصول على المتعة فقط من الحب
من ضمن علامات إدمان العلاقات العاطفية عدم الحصول على المتعة أو السعادة إلا من الشريك الرومانسي، ولا يمكن الشعور بأي مشاعر إيجابية إذا كنت بعيدًا عن الشريك، وذلك يشير إلى نمط سلوكي غير صحي، وتلاحظ أنك لم تعد تستمتع بالهوايات أو الأنشطة التي كنت تفضلها في السابق، كما تراودك مشاعر الضيق واليأس والحزن عندما لا تكون مع شريكك.
موضوعات ذات صلة: الإدمان على أفلام الجنس والإباحية
علاج إدمان العلاقات العاطفية
إدمان العلاقات العاطفية من الحالات الصحية التي لا تنفرض بعلاجات محددة لها، لذا يلجأ مقدمو الرعاية الصحية والأطباء النفسيين إلى اتباع أحد الطرق العلاجية التي تستخدم مع مدمني المخدرات أو الكحوليات، ويتم التركيز على العلاج النفسي لأنه أكثر العلاجات فعالية للتحرر من إدمان العلاقات العاطفية، ونحن في مركز ميديكال للطب النفسي وعلاج الإدمان نفتح أبواب العلاج للتعافي من شرور العلاقات العاطفية.
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) واحد من أفضل وأكثر أشكال العلاج شيوعًا لعلاج الإدمان، لذا يطبق في حالات إدمان العلاقات العاطفية ومن خلال العلاج السلوكي المعرفي يساعد المعالج الشخص على اكتشاف أسباب ومحفزات السلوكيات الإدمانية القهرية والتعامل معها، والتخلص من أسباب التعلق المرضي بالشريك والتحرر من العلاقات السامة.
وتذكر أن إدمان العلاقات العاطفية لا يعالج بالأدوية، ولكن يستخدم الأطباء مضادات الاكتئاب ومثبتتات المزاج للتخفيف من أعراض الهوس والاندفاعية في بعض الحالات حيث يصعب عليهم التحكم في هواجسهم ومشاعرهم السلبية، وهنا تلعب الأدوية دورًا هامًا في هذه الحالة.
وإذا كنت تعاني من إدمان العلاقات العاطفية والحب جرب هذه النصائح للتعامل مع حالتك في ظل طلب المساعدة من متخصص نفسي:
- تعلم أن تكون وحيدًا فلا تعتمد بشكل أساسي على الشريك الرومانسي، وانتهز الفرصة لقضاء بعض الوقت بمفردك واكتشاف أسباب ومحفزات إدمانك.
- استثمر في نفسك: السعي وراء النمو الذاتي من أفضل الطرق الرائعة للوقوع في حب نفسك، فغالبًا ما يهمل الأشخاص الذين يعانون من إدمان العلاقات العاطفية أنفسهم واحتياجاتهم.
- تطوير العلاقات مع العائلة والأصدقاء: على الرغم من أن الأمر قد يكون صعبًا شارك ما تمر به مع من تحبهم وتثق بهم.
- انضم إلى مجموعة دعم لتشعرك أنك لست وحدك حيث تساعدك مجموعة الدعم على التواصل مع أشخاص يعانون مما تشعر به ويتعاملون معه، ولاستفادة من تجاربهم وخبراتهم في كسر قيود الحب والعلاقات العاطفية السامة لحياة أفضل.
الخاتمة:
إدمان العلاقات العاطفية والحب كافي لتدمير جوانب حياتك بالكامل دون وعي أو إدراك منك، ونحن في عالم قادر على مساعدتك على التحرر من سجن وقيود العلاقات العاطفية لحياة صحية أفضل، وذلك ما يقدمه متخصصي الصحة النفسية والتعديل السلوكي في مركز ميديكال للطب النفسي وعلاج الإدمان، حيث يمكنك أن تجلس مع الأخصائي النفسي والتحدث عن المشكلات العاطفية التي تواجهها في علاقتك السامة مع الشريك الرومانسي، لبدء برنامج علاجي يساهم في التأهيل النفسي والسلوكي للتحرر من تلك العلاقة والبحث عن علاقة عاطفية صحية وفقًا لأفضل المعايير والبرامج العلاجية، فلا تردد الآن في التحدث إلينا.