العلاج السلوكي الجدلي (DBT) هو نوع من العلاج الكلامي للأشخاص الذين يعانون من مشاعر شديدة. وهو علاج شائع للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية، ولكن المعالجين النفسيين يقدمونه أيضًا لحالات الصحة النفسية الأخرى.
ما هو العلاج السلوكي الجدلي؟
يعتبر نوع من العلاج النفسي (العلاج بالكلام). يعتمد على العلاج السلوكي المعرفي، ولكنه مُصمم خصيصًا للأشخاص الذين يعانون من مشاعر شديدة.
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو نوع من العلاج بالكلام الذي يساعد الناس على فهم كيفية تأثير الأفكار على العواطف والسلوكيات.
“الجدلية” تعني الجمع بين أفكار متناقضة. يركز العلاج السلوكي الجدلي على مساعدة الناس على تقبّل واقع حياتهم وسلوكياتهم، بالإضافة إلى مساعدتهم على تعلم كيفية تغيير حياتهم، بما في ذلك سلوكياتهم غير المفيدة.
تم تطوير العلاج السلوكي الجدلي في سبعينيات القرن العشرين على يد مارشا لاينهان، وهي عالمة نفس أمريكية.
ما هي استخدامات العلاج السلوكي الجدلي (DBT)؟
لقد أثبت العلاج السلوكي الجدلي (DBT) فعاليته البارزة في علاج وإدارة طيف واسع من حالات الصحة العقلية المعقدة، ويشمل ذلك على وجه الخصوص:
- اضطراب الشخصية الحدية : وهو الاضطراب الذي صُمم خصيصًا لمعالجته.
- سلوكيات إيذاء الذات والسلوك الانتحاري: حيث يقدم استراتيجيات فعالة للحد من هذه السلوكيات الخطيرة.
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): من خلال مساعدة الأفراد على معالجة الصدمات والتعامل مع استجاباتهم العاطفية.
- اضطرابات تعاطي المواد المخدرة والإدمان: يساهم في بناء مهارات تكيف صحية بدلاً من اللجوء للمواد.
- اضطرابات الأكل: بما في ذلك اضطراب الشراهة في الأكل والشره المرضي، عبر تعليم تنظيم المشاعر المرتبطة بالطعام.
- الاكتئاب والقلق: وخاصة في الحالات التي تتسم بشدة التقلبات المزاجية وصعوبة التعامل مع المشاعر السلبية.
سر فعالية العلاج السلوكي الجدلي: معالجة جذور المشكلة
يكمن جوهر فعالية العلاج السلوكي الجدلي في قدرته على معالجة المشكلة الأساسية المشتركة بين هذه الحالات: وهي المحاولات غير الفعالة أو الضارة للتحكم في المشاعر السلبية الشديدة.
فبدلاً من أن يستمر الأفراد في الاعتماد على آليات تكيف تُسبب لهم المزيد من المشاكل أو تؤذي صحتهم، يُركز العلاج السلوكي الجدلي على تزويدهم بـ:
- مهارات صحية جديدة: لتعلم طرق أكثر تكيفًا وفعالية للتعامل مع العواطف الصعبة.
- استراتيجيات بناءة: تمكنهم من إدارة الضيق العاطفي، وتحسين علاقاتهم، واتخاذ قرارات صحية، مما يقودهم نحو حياة أكثر استقرارًا وإشباعًا.
المكونات الأساسية لبرنامج العلاج السلوكي الجدلي:
عادةً ما يتكون برنامج DBT الكامل من أربعة مكونات رئيسية، يعمل كل منها على تعزيز مهارات محددة:
- العلاج الفردي:
جلسات أسبوعية مع معالج مدرب على DBT.
يركز المعالج على مساعدة الفرد في تطبيق المهارات المكتسبة في حياته اليومية ومعالجة المشكلات الأكثر إلحاحًا.
يستخدم المعالج “بطاقات اليوميات” لتتبع العواطف والسلوكيات بين الجلسات.
- تدريب المهارات الجماعي:
جلسات جماعية أسبوعية (تشبه الفصول الدراسية) يتم فيها تعليم المشاركين مهارات محددة ضمن أربع وحدات رئيسية.
هذه ليست جلسات علاج جماعي بالمعنى التقليدي، بل هي بيئة تعليمية.
- التدريب عبر الهاتف:
يُتاح للمرضى التواصل مع معالجهم بين الجلسات في حالات الأزمات أو عند الحاجة إلى مساعدة فورية في تطبيق المهارات.
يهدف هذا المكون إلى تعميم المهارات في الحياة اليومية وتقليل السلوكيات الاندفاعية.
- فريق استشاري للمعالجين :
يلتقي المعالجون الذين يقدمون DBT بانتظام لدعم بعضهم البعض، ومراجعة الحالات، والتأكد من تطبيق العلاج بشكل فعال وصحيح.
المهارات الأساسية التي يتم تعليمها في DBT:
ينقسم تدريب المهارات إلى أربع وحدات رئيسية:
- اليقظة الذهنية:
تساعد الأفراد على التركيز على اللحظة الحالية وتقبلها دون حكم.
تتضمن مهارات الملاحظة، الوصف، والمشاركة الواعية.
- تحمل الضيق:
تُعلِّم الأفراد كيفية تحمل المواقف الصعبة والمؤلمة دون اللجوء إلى سلوكيات ضارة (مثل إيذاء النفس أو تعاطي المخدرات).
تتضمن استراتيجيات مثل تشتيت الانتباه، تهدئة الذات، وتحسين اللحظة.
- تنظيم المشاعر:
تُساعد الأفراد على فهم مشاعرهم، تحديد مسبباتها، وتطوير استراتيجيات للتحكم في المشاعر الشديدة والمتقلبة.
تتضمن مهارات مثل التعرف على المشاعر، وتعديل ردود الفعل العاطفية، زيادة المشاعر الإيجابية.
- الفعالية في العلاقات الشخصية:
تُعلم الأفراد كيفية التواصل بفعالية، ووضع الحدود الصحية، والحفاظ على العلاقات الإيجابية.
تتضمن مهارات مثل طلب ما يريده الفرد، رفض الطلبات غير المرغوب فيها، والحفاظ على احترام الذات في التفاعلات.